كتب الشيخ الدكتور محمد العفاس إمام الجامع الكبير بصفاقس على صفحته الشخصية مقال تعليقا على قرار عزله من قبل الوزارة
حين تكون تونس بين أيدي العابثين
بسم الله و الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله و بعد،
يقول الله تعالى: ” و أن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا “.
لا تزال بركات قرارات وزارة الشؤون الدينية في حملتها المحمومة و المسعورة على المساجد و الأئمة تتتالى ليهب علينا من لفحها و يشملنا فيحها حيث تكرم صفاقس الثورة و قلعة النضال بصرف القسط الأول من الإقالات التعسفية الظالمة لأئمة الثورة تمهيدا لعودة أئمة “النمط” و أخصائيو “لعق أحذية السلاطين”. فلقد قدر الله و الحمد لله على كل حال أن تسلمت قرارا يقضي بمنعي من الخطابة بعنوان “قرار انهاء تكليف” و بذريعة “عدم الالتزام بضوابط الخطة المسجدية” و في تواصل أول مع كل من أحببتهم و أحبوني في الله أعرب عن موقفي في بضع نقاط.
1_ إن هذا القرار لم يكن مفاجئا ،بل على العكس متوقعا خاصة في ظل موجة انتكاسة الحريات الدينية و التضييق على الأئمة الشرفاء و محاولات تدجين الأئمة و العودة إلى مربع خطاب الولاء و الخطبة الموحدة وتلميع الأنظمة الفاسدة، و في ظل غياب مفاهيم المسؤولية و الوطنية في أداء وزير الشؤون الدينية الحالي و زمرته التي تجرأت على عزل رموز حق لتونس ان تفخر بها أمثال د. نور الدين الخادمي و الشيخ البشير بن حسن و الداعية الشاب المتميز أحمد الخراط…و الشيئ من مأتاه لا يستغرب.
2_ إن هذا القرار يأتي في سياق الارتداد عن مكاسب الثورة و التهيئة لعودة الوجوه البائسة التي خربت البلاد لعقود عن طريق اسكات الاصوات الحرة و تكميم الأفواه…فلقد سبق الموسم ” العثماني” لحصاد الأئمة حملة شبيهة في قمع الحريات من خلال غلق الجمعيات الإسلامية و الرياض القرءانية و الكتاتيب و منع صلاة العيد في المصليات و… تمهيدا لاستكمال المشهد بعد النجاح في ترويض النقابات “صاحبة رصيد ال 35 ألف اضراب” و شراء ما تبقى من ذمم بعض الاعلاميين البائسين، و زرع ” كوكتال” الخوف مع اليأس في قلوب التونسيين بالإرهاب حسب الطلب!!!
3_ إنه لمن المؤسف ان نرى نهجا يدعي مجابهة فكر “الدواعش” بسلوك لا يخدم غير أحباب “الفواحش” ففي تونس الثورة، عفوا تونس ما تبقى من الثورة يكرم “الزطال” “الفنان” و يهان صاحب القرءان… و صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم: ” ألا إن من أشراط الساعة أن ترفع الأشرار و يوضع الأخيار..”
4_ إن مثل هذه القرارات الجائرة و اللامسؤولة لن تثنينا عن مواصلة الدعوة إلى الله و قول الحق و النصح للأمة حكاما و محكومين…فلئن استأثرت الوزارة بالمنابر فإنها أعجز من أن تحاصر أفكارنا أو أن تمنع دعوتنا.
5_لئت ضمنت الثورة للراقصين و الراقصات و العازفين و العازفات و المطربين و المطربات و الرياضيين و الرياضيات و الإعلاميين و الإعلاميات و أشباه المثقفين و المثقفات بأن يفتوا بغير علم في الحجاب و النقاب و اللحية و الاعتكاف و ان يحلوا الشذوذ و البغاء و الخنا فإن الثورة ذاتها و من باب أولى في بلاد “الاسلام دينها” تضمن ان يخوض الأئمة و العلماء و الدعاة و من منظور شرعي في كل ما له علاقة بالشأن العام و ذلك من منطلق الحق و الواجب.
6_ رسالة للمحبين: ان محبة الله تعالى جمعتنا و لن تزول بإذن الله ألفتنا و سنة الابتلاء و التمحيص باقية و إن الله تعالى يعد للأمة فرجا و نصرا…” حتى إذا استيأس الرسل و ظنوا أنهم قد كذبوا جاءهم نصرنا”.
7_لا عزاء للمستبشرين بمثل هذه القرارات إلا أن نذكر بقول الله تعالى: ” و تلك الأيام نداولها بين الناس” ليعلم كل أناس مشربهم…و ليعلموا اننا عاهدنا الله تعالى ان لا نكون شهود زور من فوق منبر الرسول صلى الله عليه و سلم.
اللهم احفظ تونس و د ينهاو أمنها و أهلها و أئمتها من كيد الكائدين و عبث العابثين و مكر الماكرين…اللهم استخدمنا و لا تستبدلنا…و حسبنا الله و نعم الوكيل.
محمد العفاس
https://www.facebook.com/mohamed.affes